حين تصبح “المقاومة” مقاومةً للحياة

في بلدٍ صغيرٍ كلبنان، حيث لا تتعدّى المسافات بين ميدان القتال ومهرجانات الفرح سوى ساعات، يكبر السّلاح أكثر من الجغرافيا، ويصير ظلّه أثقل منها.
ميرنا بشارة
منذ سنواتٍ طويلة، يقبع السّلاح بيننا كضيفٍ غير مدعوّ، لا يرحل ولا يهدأ. كبر معنا، دخل في تفاصيل يوميّاتنا، وصار جزءًا من مشهدٍ دائمٍ لا يعرف الاستراحة.
حماية الأرض… أم مغادرتها؟
يقول الحزب إنّ السّلاح ضمانةٌ، وإنّه يحمي الأرض من العدو.
لكن أيّ أرضٍ نحميها ونحن نغادرها كلّ يوم؟
وأيّ وطنٍ يبقى آمنًا إذا كان أبناؤه يخافون من بعضهم أكثر مما يخافون من الخارج؟
الإحتفاظ بالسّلاح صار أشبه بالاحتفاظ بذاكرة حربٍ لم تنتهِ بعد، وبوجعٍ لم يتوقّف.
السّلاح لا يحمي التاريخ… بل يعيده
السّلاح لا يصنع الأمان، بل يستنسخ الخوف ذاته في قلوبٍ جديدة.
إنّه يعيد فتح الأبواب الّتي هربنا منها، ويمنع البلاد من شفاءٍ طال انتظاره.
فهل نحن بحاجةٍ إلى سلاحٍ، أم إلى أمان؟
هل نبني وطنًا حين نحمل البندقيّة… أم حين نضعها جانبًا؟
لبنان… ساحة انتظار
لبنان لم يعد ساحة حرب، بل ساحة انتظار.
ننتظر سلامًا لا يأتي، وقيامةً بلا موت، ووعدًا بلا ثمن.
ولعلّ أكثر ما يؤلم، أنّ الحزب الذي وُلد من فكرة المقاومة، صار يقاوم فكرة الحياة نفسها.




