قصف الحفّارات: إسرائيل تمنع العودة.. قبل التّسوية
تتكشّف ملامح سياسة إسرائيليّة جديدة تجاه الجنوب اللّبناني، تقوم على منع أي محاولة لإعادة الحياة إلى قرى الشّريط الحدودي قبل التّوصل إلى ترتيبات أمنيّة نهائيّة مع الدّولة اللّبنانيّة. فخلال الأيّام الأخيرة، صعّدت إسرائيل من استهدافها المباشر للجرّافات والحفّارات التي تعمل على رفع الرّدم في القرى الجنوبيّة المتاخمة للحدود، في رسالةٍ واضحةٍ بأنّ العودة المؤقتة أو الجزئيّة إلى هذه القرى لن تكون ممكنة.
استهداف الآليّات المدنيّة.. لا العسكريّة
مصادر متابعة اعتبرت أنّ استهداف الآليات الهندسيّة لا يدخل في إطار العمليّات العسكريّة التقليديّة، بل هو قرار سياسي ـ أمني إسرائيلي هدفه تعطيل أي مشروع لإعادة تأهيل البنى التّحتيّة أو تنظيف البيوت المهدّمة. بهذا المعنى، لم يعد القصف مجرّد ردّ على نشاط عسكري، بل تحوّل إلى أداة ضغط لمنع السّكان من التّفكير بالعودة حتى بصورة محدودة أو تدريجية.
وتشير التّقديرات إلى أنّ إسرائيل تسعى لفرض واقعٍ جديدٍ على الأرض، يقوم على إبقاء القرى الجنوبيّة خالية من سكّانها، لتكون ورقة تفاوض في أي مسار ترسيم أو تسوية مقبلة. فالعودة، حتّى بحدّها الأدنى، تعني إعادة ضخّ الحياة في بلدات مثل رب ثلاثين، العديسة، وكفركلا، ما يكرّس حق الأهالي بالوجود في أراضيهم، ويضع الإحتلال أمام معادلة صعبة.
آلاف العائلات المشرّدة
الخطير في هذه السّياسة أنّها تمسّ بالجانب الإنساني مباشرة، إذ تجعل آلاف العائلات المشرّدة رهينة الإنتظار الطّويل. كما أنّها تحمل رسالة مزدوجة إلى لبنان والمجتمع الدولي بأنّ الإحتلال وحده هو من يحدّد توقيت العودة وشروطها.
من هنا، تبدو الأيام المقبلة مرشّحة لمزيد من التّجاذب حول ملف القرى الجنوبية والحدود اللّبنانيّة – الإسرائيليّة، حيث تتحوّل “الجرافة” و”الرّدم” إلى عنوان مواجهة جديدة، قد تحدّد مستقبل الإستقرار وفرص التّسوية على جانبي الحدود.
