ADAWLAADAWLAADAWLAADAWLA
  • الرئيسية
  • خاصّ – الدّولة
  • مَحلّي
  • عربي-دولي
  • Podcast
✕

من الكاريزما إلى المأزق: نصرالله مظلوماً.. عند صخرة الروشة

27.09.2025
Categories
  • خاصّ - الدّولة
Tags
  • الثورة السورية
  • الحزب
  • الحوثيين
  • الشيعة
  • الطائفة الشيعية
  • بعلبك
  • بيروت
  • حزب الله
  • رفيق الحريري
  • سوريا
  • صخرة الروشة
  • لبنان
  • نصرالله
مراسل

مأزق الكاريزما بعد الرحيل

يتحدث علم الاجتماع السياسي وعلم نفس الجماهير – من ماكس فيبر إلى غوستاف لوبون وإريك إريكسون – عن مصير القادة الكاريزميين بعد رحيلهم. فالكاريزما، كما يعرّفها فيبر، قوة شخصية استثنائية قادرة على حشد الجماهير وتعبئتها، لكنها ما إن تفقد صاحبها حتى تواجه “أزمة الخلافة”: إمّا أن تتحول الشخصية إلى رمز جامع يؤسس لمرحلة جديدة، أو تنكمش صورتها إلى ذكرى محدودة في إطار ضيق.

د. خالد الحاج

هذه القاعدة النظرية تطرح نفسها بقوة عند الحديث عن تجربة السيد حسن نصرالله. بلا شك كان زعيمًا كاريزميًا فذًا، فرض حضوره على جمهوره وخصومه، حتى صار صوته وخطابه جزءًا من المشهد العربي. لكن المفارقة أنّ الجماهير التي ملأت الساحات في حياته، بدت في ذكرى اغتياله الأولى محصورة في بضعة آلاف، لا تحمل الزخم ولا الرمزية التي يُفترض أن توازي حجم القائد الذي رحل. صورته انتقلت من محاولة صناعة رمز وطني جامع، إلى مشهد محصور في شارعين على كورنيش الروشة.

مقارنة مع رفيق الحريري

حين اغتيل رفيق الحريري عام 2005، انفجر لبنان في مشهد غير مسبوق: تظاهرات مليونية، سنة وراء سنة، لم تهدأ ولم تتعب. لم يكن ذلك بقرار حزبي ولا بشعار فئوي، بل بدافع وجداني جمع الحزن بالغضب والأمل. تحوّلت الجنازة إلى حدث سياسي تأسيسي، ومنحت الحريري مكانة الرمز الوطني العابر للطوائف. أما مع نصرالله، فقد حصر الحزب الذكرى في إطار حزبي ضيق، وأدخلها في معارك وهمية مع رئيس الحكومة نواف سلام، بدل أن يفتح المجال لطقس جماهيري عابر يمكن أن يرسّخ الرجل في الذاكرة الوطنية. النتيجة: شخصية كاريزمية استثنائية في الحياة، تقلّصت في الموت إلى ذاكرة حزبية محدودة.

درس مغيّب من تجربة موسى الصدر

لم يتعلم حزب الله من تجربة حركة أمل مع الإمام المغيّب موسى الصدر. فقد نجحت أمل في تثبيت صورة الصدر كرمز وطني جامع، دون أن تجعل من ذكراه تحديًا للدولة أو صدامًا مع أحد. بل تحوّلت الذكرى إلى مساحة توافقية عابرة للطوائف. كان الأجدر بحزب الله أن يسلك هذا الطريق: أن يجعل ذكرى نصرالله مناسبة وطنية حقيقية، تُقام في أماكن تحمل رمزيته: خلدة حيث الانطلاقة، الضاحية حيث البيئة الحاضنة، بعلبك حيث البعد الروحي، وصور حيث العملية الأولى. كلها محطات كانت قادرة أن تفتح لذاكرة جماعية أوسع. لكن الحزب اختار مجددًا المواجهة مع الدولة، فثبت مأزقه التاريخي.

أخطاء متراكمة منذ 2005

المسألة لا تقف عند ذكرى نصرالله. فحزب الله يراكم فشلًا متواصلًا في قراءة المجتمع اللبناني. فمنذ اغتيال رفيق الحريري، لم يحاول أن يفهم صدمة اللبنانيين. بل على العكس، شكر علنًا المتهمين باغتياله متحدّيًا ذاكرة بيروت وأهلها. ثم في 7 أيار، حين اتخذت الحكومة قرارًا يخصّ شبكته الأمنية، ردّ باجتياح العاصمة وترويع سكانها، ليصف لاحقًا ذلك اليوم الأسود بأنه “مجيد”. ومع اندلاع الثورة السورية، شارك مباشرة في تحويلها إلى حرب طائفية بشعارات مقاتليه وخطاباته. في العراق، ساهم في بناء الحشد الطائفي وما ارتُكب باسمه من ترويع وقتل. وفي اليمن، لم يكتفِ بالدعم المعنوي، بل أرسل مقاتليه ليعلّموا الحوثيين كيف يقصفون مكة.

خيبة الطائفة الشيعية

حتى الطائفة الشيعية نفسها، ماذا قدّم لها الحزب بعد عقود من التضحيات؟ أبناؤها جثث من بيروت إلى البوسنة والعراق وسوريا وإيران واليمن والكويت. الجنوب الذي كان درّة البنى التحتية التي عمل عليها نبيه بري لسنوات طويلة، صار اليوم كومة من الركام. والضاحية التي كانت عنوان الصمود تحوّلت إلى عنوان الانهيار. ومع ذلك، يصرّ الحزب على جرّ الشيعة ومعهم لبنان كلّه إلى “غزّة ثانية”، مانحًا إسرائيل الذرائع الكاملة لمجازر جديدة ودمار إضافي.

مأزق يتجاوز الذكرى

المشكلة أبعد من ذكرى أو احتفال. إنّها مأزق حزب لم يعد قادرًا على رؤية لبنان كما هو، بل يراه فقط من خلال مرآة أيديولوجيته. مأزق تنظيم يعيش على وهم فائض القوة، يفتقد الحكمة، ويكرر الأخطاء لأنه لم يتعلم من تاريخه ولا من تجارب غيره. هكذا انتهت الكاريزما التي ملأت الحياة، إلى عجز في الغياب عن صناعة ذاكرة وطنية أو مستقبل مشترك.

Share

مواضيع مشابهة

02.11.2025

العودة والإعمار: الجنوبيّون يسابقون الزّمن وحسابات السّياسة


Read more
01.11.2025

أيّها الموت… كن وطنياً!


Read more
01.11.2025

لوركا سبيتي تهاجم “الآباء الشعراء”: مجرمون… تركونا أيتاماً


Read more
‎© 2025 الدولة | جميع الحقوق محفوظة | مدعوم بحرية التعبير