ADAWLAADAWLAADAWLAADAWLA
  • الرئيسية
  • خاصّ – الدّولة
  • مَحلّي
  • عربي-دولي
  • Podcast
✕

وكأنّ الجنوب ليس من لبنان!”

19.10.2025
Categories
  • خاصّ - الدّولة
Tags
  • إسرائيل
  • الحزب
  • المقاومة
  • جنوب لبنان
  • حزب الله
  • لبنان
مراسل
كيف لأحد أساطين السّلطة في البلد، والّذي يتربّع على عرش السّلطة التّشريعيّة منذ 33عامًا، أن ينجرّ خلف “لطميّة” أمين عام حزب اللّه؟
ملاك فقيه
لا يجد رئيس مجلس النّوّاب اللّبناني، نبيه برّي، المتربِّع على عرش رئاسة المجلس النّيابي منذ ثلاثة وثلاثين عامًا بالتّمام والكمال، أيّ حرج في توجيه سهام النّقد للدّولة التي يُعَدُّ هو، بلا منازع، واحدًا من أهم أساطينها. إنّها مفارقة عجيبة أن ينجرّ رئيس السّلطة التّشريعية وراء “لطميّة” الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، الّذي حكم سلفه فعليًا البلاد وأضحى نفوذه طاغيًا على مفاصل الدّولة اللّبنانية منذ عام 2008.
وكان هذا العام شهدَ ذروة تحوّل القوّة العسكريّة والأمنيّة للحزب إلى هيمنة تشريعيّة وسياسيّة بعد قضم مواقع الرّئاسات الثّلاث، متوّجًا مرشحها ميشال عون رئيسًا للدّولة. لتأتي اليوم المفارقة الأعجب: اتهام الثّنائي لنفس الدّولة الّتي أمعن فيها  تخريبًا، تجاوزًا، وتجاهلًا، بالتّقصير تجاههم!
والحال أنّ العلاقة بين الطّرفين (الثّنائي والدّولة) لطالما بدت متوتّرة. ورغم دأب الثّنائي على مخاطبة الدّولة والتّصرف تجاه قوانينها بصيغة “الغائب”، فقد أعلن برّي بهذا التّصريح الأخير انضمامه إلى حلف المواجهة المفتوحة ضدّ رئيس الحكومة. لقد تبيّن له أنّ مزاج طائفته ينزاح لصالح الخطاب “الشّتائميّ والتّخوينيّ” ضد نوّاف سلام، فآثر استلحاق الرّكب بدلاً من الوقوف في وجه التّيّار. وبذلك يسعى برّي إلى المزايدة وتقاسم المكاسب، والمشاركة في تسجيل الأهداف الّتي سجلها خصمه اللّدود وفيق صفا في مرمى “صخرة الرّوشة”.
النّكتة السّمجة والتّاريخ الدامي
إن جلَّ ما فعله الرّجل حقيقةً، لا يعدو كونه استحضار لتلك النّكتة السّمجة الّتي تطلّ برأسها عند أي أزمة تحيط بهم، وعنوانها: “الثّنائي الشّيعي والدّولة”. ورغم أنّ الجمع بين هذين الطرفين (الثّنائي والدولة) يبدو بحدّ ذاته عنوانًا لمسرحيّة كوميديّة سوداء تلخّص هذا العلاقة المتشابكة المضطربة بتاريخها الطويل. ولعلّ أبرز عناوين الاضطراب -بل وبشكل أدق افتعال الأزمات من حين لآخر- يتمثل في شكوى الثّنائي الأزليّة من ” تجاهل الدّولة للجنوب”. عنوان يصلح أن يكون سيمفونيةً أو نشيدًا غير وطني للثّنائي، له نغمة ثابتة ولو تنوّع العزف من منبر لآخر، فالثّابت هو ترديده عند كل مفترق.
لكن ذريعة “التّجاهل” هذه تدحضها حقائق عديدة لا داعي لسردها. غير أنّ أهم ما فيها حقيقة تجاهل الثّنائي نفسه للجنوب، وارتهانه للخارج، ثمّ رمي المسؤوليّة على “الدّولة”، وهو ما تجلّى كمثال بـ “حرب الإخوة” باعتبارها واحدة من أكثر الحروب الجنوبيّة الداخلية دمويةً في الثّمانينيات، خاضها الثّنائي الشّيعي وحصدت آلاف القتلى والجرحى. تلك المعارك لم تكن دفاعًا عن أهل الجنوب ولا لأجل عودة الدّولة إليه، بل لحسابات “غير جنوبيّة” وغير لبنانيّة، وبهدف جعل أرض الجنوب لقمةً سائغةً وورقة تفاوض في يد الأطراف الخارجيّة، السوريّة والإيرانيّة آنذاك.
محطّات التّنكيل بالدّولة
أما المحطة الأخرى اللافتة لتجاوز الثّنائي للدّولة عن سبق إصرار، فهو شعار: “شكرًا سوريا” حين دعا أمين عام حزب الله الرّاحل، حسن نصر الله جماهيره للتّظاهر في الثامن من آذار عام 2005 بأعداد غفيرة، ليرفعوا هذا الشّعار بالضدّ من خيارات شعبيّة ورسميّة لبنانيّة. لقد كان الشّكر موجّهًا لنظام احتل دولة نصرالله لعشرات السّنوات، وأذاق مواطنيها كأس الذّل على حواجزه وفي فروعه الأمنيّة، ولم يتوانَ عن اغتيال رموزهم الوطنية، وقتل خيرة شباب الجيش اللبناني وقصف القصر الجمهوري، ومارَس القتل والاعتقال والتّدمير بحق عشرات الآلاف من أبنائها.
ومن طقوس تنكيل الثّنائي الشّيعي بالدّولة كفكرة وواقع، قيامه بعزل كل منطقة تضم تجمّعًا شيعيًا عن محيطها، من خلال عشرات أحداث العنف، بدءًا من حرب المخيّمات، مرورًا بأحداث الجامعة العربيّة، فضلاَ عن الهجمات على المناطق المسيحيّة بذرائع مختلفة كالاحتجاج على شربل خليل، وأحداث 7 أيار الّتي لم توفّر كيفون والقماطيّة والباروك، وصولًا إلى القمصان السّود وأحداث الطيونة – عين الرمانة.
ويبقى المظهر الأوضح لعلاقة الثّنائي بفكرة الدّولة مدًّا وجزرًا، هو محاولات التّقزيم والحط من شأنها في عيون المحازبين لهم، والسّعي الدّؤوب كي لا تنضج وتقف على قدميها، بحيث يبقى تحالفهم “الدّويلة” هو الحل والملاذ ضمن معادلة الإضعاف هذه!. وكمثال فإنّ الدّولة التي يشتكيها رموز الهيمنة على الشّارع الشّيعي هي ذاتها الدّولة التي توجّه نصر الله، في أيار 2007، مهددًا جيشها وأركانها قائلًا: “مخيّم نهر البارد خط أحمر”، ليتم لاحقًا اغتيال النّقيب الطّيّار سامر حنّا عام 2008 على يد عنصر من حزب الله بدم ٍباردٍ. وهي نفسها الدّولة الّتي تُرك فيها الغطاء على التّنظيمات الفلسطينيّة الموالية لسوريا وإيران، والّتي صارت مأوى للخارجين عن القانون ومهرّبي السّلاح وتجّار المخدرات!.
“الضعيف وحده يلجأ للقضاء”؟
بينما يطالب هؤلاء بحضور الدّولة، فإنّهم لا يوفّرون مناسبة لإلغائها. فرئيس مجلس النّواب نبيه برّي لا ينفكّ يردّد عبارته الشهيرة: “الضّعيف وحده يلجأ إلى القضاء”!. فيما الطّرف الثّاني من الثّنائي، الحاج وفيق صفا، يزور القضاء لتهديده في عقر داره، لأنّ تحقيقات انفجار المرفأ لا تروق له، مهددًا القاضي بـ “قبعه”. ليسجّل بذلك حادثة غير مسبوقة في تاريخ القضاء اللبناني، وربما في تاريخ أيّ قضاء حول العالم!.
التّنكيل بالإقتصاد
وعلى صعيد اقتصادي، فمفهوم الدولة يزداد التباسًا وتشويشًا لدى الثّنائي. ففي “الدّولة” التي يتخيّلها ويريدها الثّنائي لا مشكلة بأن تُسرق تعويضات حرب عام 2006 تحت عنوان “صندوق مجلس الجنوب”. دولتهم المتخيّلة هي حيث يُمنع أي استثمار في الصّناعة أو الزّراعة أو الخدمات خارج منظومة المحاصصة الّتي يرعونها، وحيث يُوزَّع الضّباط والعناصر والموظفون ليس على أساس الكفاءة، بل وفقًا لمعيار الولاء المطلق، بما يضمن السّيطرة على المعابر والمرافئ والمرافق الحيوية كافّة!. هذا هو تصوّرهم الخاص عن “دولة” يحتاج جيشها إلى إذن بالتّنسيق مع “الحاج” إذا أراد دخول المناطق الشيعيّة، وفيها يكاد رئيس الحكومة أن يُهان من قبل “كتيبة الأهالي” حين يتجرّأ ويزور الجنوب “المحكوم بالتّجاهل” كما يتذرّعون.
نداء العودة إلى الوطن
إذًا، واضح ما هي الدّولة التي يريدها الثنائي. هي باختصار كيس ملاكمة لهم، وأمثولة سيّئة يصنعونها في عيون النّاس كي تبقى “البيئة” بحاجتهم! وبمناسبة الحديث عن صناعة “الضّعف” أو “المثال السّيئ” لا بدّ وأن نتوقف عند أحدث فصول الهجوم، حيث أطلق واحد من أعلى المراكز الدّينية النّداء: “دولتكم تحاصركم وتشدّ الخناق على أعناقكم!”
بهذا النداء العاجل، توجّه المفتي أحمد قبلان في خطابه الأخير إلى أهالي الجنوب والضّاحية والبقاع، مستكملًا معركة “كيّ الوعي” التي برع فيها الثّنائي ومن لفّ لفيفهم. ويبدو بذلك أنّه لم يتبقَّ لهم معارك سوى معركتهم ضدّ هذه الدّولة، تعويضًا عن مجموعة الهزائم التي واجهوها، وعجزًا عن الرّد على الخروقات العسكريّة الإسرائيليّة، وتنصّلًا من وعود إعادة الإعمار.
هذه الدّولة التي أمعنوا فيها خرابًا وإضعافًا، هي ذاتها التي تحاول اليوم إصلاح الخراب الذي لحق بالبلاد عقب نكبة حرب إسناد غزة. تحاول الدّولة ذلك من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني والعودة إلى علاقات عربيّة ودوليّة تؤمّن غطاءً دبلوماسيًا للبنان، وتحميه من الاستباحة في حال تم الإلتزام بالإتفاق وحصر السّلاح بيد الدّولة. وهذا يضمن عودة آمنة للأهالي إلى القرى المهدّمة وتدفق أموال إعادة الإعمار.
مظلومية “غب الطلب”
ساهمت هذه السّياسة المتعمَّدة للثنائي داخل البيئة الشيعيّة، على مدى عقود، في خلق إنسانٍ يمنح نفسه “الحق في التناقض”: يعبِّر عن فائض قوّته في السّيطرة على مفاصل الدّولة كافة، ويستخدم لغة التّعالي مع شركائه في الوطن، حتى لو كان هو نفسه يتبع من ساهم في تآكل الدّولة وتحلّل مؤسساتها وانهيار اقتصادها وهجرة أبنائها. وفي الوقت نفسه، يُجاهر بمظلوميّته الّتي تصل أحيانًا إلى مقارنة أحداث اليوم بأحداث فترة الثمانينيّات، حين تعاكسه الظروف ولا يسعفه الحظ في كسب جميع المعارك.
نحن، الّذين كذب علينا من وعدونا بالحماية والبناء واستجلبوا لنا الخراب والموت، يحقّ لنا أن ننحاز إلى خيار الدّولة وأن ندافع عنها، بعدما تبيّن لنا أن كل ما جربناه خارجها لم يجلب لنا سوى الويلات.
Share

مواضيع مشابهة

02.11.2025

العودة والإعمار: الجنوبيّون يسابقون الزّمن وحسابات السّياسة


Read more
01.11.2025

أيّها الموت… كن وطنياً!


Read more
01.11.2025

لوركا سبيتي تهاجم “الآباء الشعراء”: مجرمون… تركونا أيتاماً


Read more
‎© 2025 الدولة | جميع الحقوق محفوظة | مدعوم بحرية التعبير