أحمد الحريري بين السياسة والصحافة الفنية

يُطرح منذ سنوات سؤال يتردّد في أوساط تيار المستقبل: ماذا كان سيفعل أحمد الحريري لو لم يكن خاله الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ سؤال يزداد إلحاحًا كلما ظهر الأمين العام للتيار في مواقف وسياقات بعيدة عن السياسة المباشرة، أقرب إلى مجالات فنية ورياضية…
د. خالد الحاجّ
في لحظة إقليمية حساسة، حيث تتبدّل التحالفات وترسم خرائط جديدة، ويعيش لبنان استحقاقًا مصيريًا مع قرار الحكومة التاريخي بحصر السلاح بيد الدولة، يطل أحمد الحريري.
لم تكن طلّته عبر بيان سياسي داعم أو موقف واضح لحصر السلاح بيد الدّولة، بل عبر مقاطع مصوّرة وتحليلات حول كرة القدم… أو مقالات ذات طابع فني.
هذا الاهتمام بحد ذاته ليس عيبًا، لكنه يعكس تحوّلاً في موقع الرجل ودوره: من أمين عام لحزب سياسي كان مؤتمنًا على إرث رفيق الحريري، إلى كاتب في الصحافة الفنية والشؤون العامة.
إدارة شابة لتيار المستقبل
منذ دخوله الحياة السياسية، فضّل أحمد الحريري إدارة التيار على طريقته الخاصة. أفسح المجال لوجوه شابة. لكنّه أبعد في المقابل شخصيات ذات تجربة وثقافة سياسية راسخة.
مع الوقت، غابت النقاشات الفكرية الجدية التي كان يحرص عليها قادة في الماضي مثل نصير الأسعد. وحلّت مكانها إدارة تنظيمية أقرب إلى التعبئة منها إلى الحوار. بدا أن الهدف ليس إنتاج جيل جديد يناقش ويجتهد، بل جمهور يصفّق ويواكب.
ماذا عن السعودية؟ وسعد الحريري؟
اليوم، بينما تقف السعودية بوضوح إلى جانب الدولة اللبنانية ودعمها لقرار حصرية السلاح، يواصل أحمد الحريري مقاربة مختلفة، أقرب إلى المهادنة مع حزب الله.
البعض يقرأ في ذلك محاولة لفتح طريق نحو صيغة جديدة: استثمار فتنة سنية – شيعية محتملة تعيد إنتاج حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري.
هذا السيناريو، الذي يبدو غير واقعي في ظل المعطيات الإقليمية والدولية، يجعله في موقع التناقض مع موقف الرياض المعلن، ومع الحاجة الوطنية الملحّة إلى اصطفاف خلف مشروع الدولة.
اللافت أنّ خياراته الخطابية والإعلامية صارت تميل أكثر فأكثر إلى مجالات فنية ورياضية، ما يطرح تساؤلًا مشروعًا حول الوجهة التي يريدها لتيار المستقبل: هل هو تيار سياسي حي يتفاعل مع التحولات، أم منصّة اجتماعية – إعلامية تواكب الموضة الفنية والرياضية؟
فضل شاكر… وموقع صيداوي
في المحصّلة، أحمد الحريري يكتب اليوم في الصحافة الفنية أكثر مما يكتب في السياسة. وآخر مقالاته عن فضل شاكر، بما يمهّد لمصالحة بين تيار المستقبل وفضل شاكر.
لكن في لحظة دقيقة كهذه، كان يُفترض به أن يكون صوتًا داعمًا لمشروع الدولة، لا مجرّد شاهد يراقب الأحداث من زاوية أخرى.