“المستقبل” والحزب: شراكة في الهجوم على السعودية والأمير يزيد

من الأمور اللافتة في الأسابيع الأخيرة أنّ تيار المستقبل، وأمينه العام تحديداً، لم يصدر عنهما أي موقف داعم لرئيس الحكومة الدكتور نواف سلام، لا بعد جلستي 5 و7 آب اللتين شكّلتا مفصلاً دستورياً وسياسياً، ولا خلال الحملة الهجومية الشرسة التي يشنّها حزب الله على الرجل.

هذا الصمت يثير سؤالين: هل هو لتجنّب إحراج الحليف الجديد حزب الله؟ أم لأنّ المستقبل يرى السراي الحكومي ملكية موروثة، لا يقبل أن يقودها أحد من خارج عباءته؟

طرفان في مواجهة الأمير يزيد

المفارقة أنّ طرفين يهاجمان بضراوة الأمير يزيد بن فرحان، مستشار وزير خارجية السعودية لشؤون لبنان: حزب الله وتيار المستقبل.

الأول واضح الدافع: مشروع الدولة يعني نقيض دويلته، ونهوضها يعني سقوط سطوته.

لكن الثاني – أي المستقبل – فإنّ هجومه على الأمير يزيد، وخصوصاً عبر ما يُعرف بـ”الجيش الإلكتروني” الموجَّه من داخل القيادة، يكشف أنّ التيار لم يهضم فكرة أن يقود مشروع استعادة الدولة رجل من خارج دائرة وصايته، سواء كان نواف سلام أو غيره. فالمستقبل يريد أن تكون الدولة عرشاً بيده ومفاتيحها بين أصابعه، لا أن تخرج من تحت جناحه لتعود ملكاً عاماً.

انكشاف موقف تيار المستقبل

في العمق، يكشف هذا الموقف أنّ المستقبل لم يكتفِ بالامتناع عن الدفاع عن رئيس الحكومة، بل ذهب أبعد من ذلك عبر المشاركة غير المعلَنة في حملات استهدافه. السعودية تدرك كل ذلك وأكثر، لكنها لا تنشغل بالضجيج؛ فاستراتيجيتها تقوم على دعم مشروع الدولة ورجالاتها الجديين الذين لا مصالح تجارية أو انتخابية لهم، بل قدرة على اتخاذ قرارات مصيرية في لحظات مفصلية.

السعودية ومشروع الدولة في لبنان

هكذا يصبح المستقبل عملياً شريكاً لحزب الله في خصومة السعودية. لكنه شريك خجول لا يمتلك جرأة الإعلان، لأسباب انتخابية ومالية وحسابات داخلية. وهناك من يرى أن حالة سعد الحريري كانت جزءاً من منظومة “الشيعية السياسية”، وستفرز التحوّلات تحالفات جديدة تضم النخب القادرة على النهوض بمشروع الدولة.