المدينة الرياضية: هدية الحزب لإسرائيل لا تُقدّر بثمن

في مشهدٍ لا يخلو من التناقض، يقيم حزب الله حفلًا كشفيًا ضخمًا يضم آلاف المنتسبين من مختلف الأعمار، في الوقت الذي يفاخر فيه قادته بأنهم أكثر وعيًا أمنيًا وإدراكًا لخطر الذكاء الاصطناعي. لكنّ المفارقة أنّ الحزب، من حيث لا يدري — أو لعلّه يدري — قدّم لإسرائيل كنزًا استخباريًا لا يُقدّر بثمن.
د. خالد الحاجّ
داتا المدينة الرياضية بيد AI
آلاف الصور والفيديوهات التي انتشرت من نشاطات “كشّاف الإمام المهدي” لم تعد مجرّد لقطات احتفالية. إنها اليوم داتا أمنية مفتوحة في قبضة الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي: وجوه، أعين، حركات، مواقع، وأسماء يمكن ربطها بحسابات التواصل الاجتماعي لتكوين ملفات تتبّع دقيقة لكل طفل وفتى وشاب في صفوف الحزب.
بهذه السذاجة، لم تعد إسرائيل تحتاج إلى جهد استخباري يُذكر. فالحزب الذي يدّعي الوعي الأمني، سهّل لها الوصول إلى جيلٍ كامل من قواعده، جاعلًا من كل صورة ومقطع بابًا للاختراق.
البصمة الرقمية… إلى الأبد
الأخطر أنّ هذه البيانات، في عصر تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات العالمية، لا تبقى في تل أبيب وحدها. فحين يتقدّم أحد هؤلاء الشباب لاحقًا إلى جامعة غربية أو يطلب تأشيرة سفر، ستقف أمامه تلك الصورة، وذلك الملف الرقمي، ليُوسم بصفة “مرتبط بتنظيم إرهابي”. سيُمنع من الدراسة، أو من زيارة أخيه وأخته في بلدٍ عربي او غربي، لأنّ بصمته الرقمية سُجّلت يوم عرضه حزب الله امام الكاميرات بأنّه عضو ناشط في إحدى هياكله التنظيمية.
القضاء على مستقبل عشرات الآلاف
هكذا، ومن أجل مشهدٍ استعراضيٍّ لإظهار “القوة الشعبية”، قضى حزب الله على مستقبل أكثر من 74 ألف طفل ومراهق وشاب. أراد أن يبرهن على مناعته، ففضح هشاشته، وأهدى خصومه ما لا تحقّقه أعقد الاختراقات الإلكترونية.
إنها مأساة جيلٍ حوّله الحزب من مشروع مقاومة، إلى ملفٍّ أمنيٍّ في أرشيف المخابرات الموساد والعالمية.




