بيروت ليست مدينة إيواء: نازحون جدد… في بلدٍ بلا ملجأ

يتردّد اليوم في الأوساط السياسية والأمنية حديثٌ متزايد عن هجومٍ إسرائيلي محتمل يستهدف بيئة “حزب الله” في الجنوب والبقاع الغربي، وصولاً إلى بعلبك – الهرمل والضاحية الجنوبية. هذا السيناريو، إذا وقع، يعني موجة نزوحٍ ضخمة لم يشهدها لبنان منذ حرب تموز 2006، وربما أشدّ.
نزوحٌ بلا وجهة
الواقع أنّ هذه البيئة، بخلاف مناطق لبنانية أخرى، لا تملك خيارات لجوءٍ آمنة. سوريا لم تعد وجهةً ممكنة بعد تحوّلها إلى ساحة قتالٍ مفتوحة ومأوى غير مضمون. أمّا مناطق الشمال، كعكّار وطرابلس، فليست مهيّأة اجتماعيًا ولا سياسيًا لاستقبال نازحين من بيئةٍ مختلفة، ما يجعل العاصمة بيروت الوجهة الأكثر احتمالاً، وإن كانت الأسوأ قدرةً على التحمل.
بيروت المنهكة
بيروت اليوم مدينةٌ متعبة، بالكاد تقف على قدميها. مياهها مقطوعة، طرقاتها متهالكة، بنيتها التحتية مهترئة، ومؤسساتها عاجزة عن خدمة سكانها الحاليين. أي نزوحٍ كثيفٍ إليها سيعني انهيارًا سريعًا في الخدمات، وفوضى إنسانية وأمنية ومعيشية لا يمكن السيطرة عليها. ما لم يُستعدّ مسبقًا، قد تتحوّل العاصمة إلى كارثةٍ داخل كارثة، خصوصًا إذا طاولها القصف أو تعطّلت طرق الإمداد إليها.
خطة وطنية للإيواء
المطلوب اليوم ليس بيانات تضامن ولا مواقف إنشائية، بل خطط ميدانية واضحة. على الدولة اللبنانية، عبر الوزارات المختصة والجيش والصليب الأحمر والمنظمات الدولية، وضع خطة طوارئ فورية لإنشاء مخيّمات إيواء منظّمة وآمنة خارج المدن المكتظّة. المطلوب تحديد مواقع مسبقة، تأمين خدمات أساسية، وضبط حركة النزوح بما يمنع التسرّب العشوائي إلى العاصمة.
تحذير قبل الانفجار
التحذير اليوم ليس ترفًا سياسيًا ولا تهويلًا إعلاميًا. هو واجب وطني. فبلدٌ بلا ملجأ ولا خطة، لا يحتمل نزوحًا جديدًا ولا انهيارًا إضافيًا. وإذا لم تُتخذ الإجراءات منذ الآن، سيستيقظ اللبنانيون ذات صباحٍ على مشهدٍ مألوفٍ وموجع: نازحون من جديد، في وطنٍ بلا ملجأ.
إقرأ أيضاً: الغُبار الأصفر إذ يطرُد أهل النّبطية… والفرح



