تصويت المغتربين: 19 مجموعة خارجية “تنغل”… المعركة تتصاعد

“الحلّ يكمن في الإندماج، لا في الإستبعاد من المجتمعات الّتي يعيش فيها المغتربون اللّبنانيون”، هذا ما صرّح به الأستاذ الجامعي في الولايات المتّحدة الأميركيّة عبّاس الحاج أحمد لموقع “الدّولة”. مطالبًا بأن تساهم الدّولة اللبنانية، ومعها اللّبنانيون جميعًا، بالإنخراط في المجتمعات المغتربة، بدل تبنّي ثقافة الانعزال ومنع الجمهور من الفهم والتّحليل والتطوّر، وإخراجه من ثقافة الشّعارات.
حجج غير مبررة!
أكثر من 19 مجموعة اغترابيّة من مختلف القارّات تنسّق وتلتقي لبحث مسألة الانتخابات. وقد عقدت هذه المجموعات اجتماعات مع وزيري الداخلية والخارجية، ومع رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، ومع عدد من الكتل النيابيّة.
ويرى الناشط السّياسي عبّاس الحاج أحمد أنّ الحجج الّتي يطرحها بعض الأفرقاء السياسيين في لبنان غير مبرّرة، إذ إنّ أيّ قانون أو تعديل يجب أن ينطلق من الحقوق المدنيّة، والدّستور، ومبادئ الديمقراطية، ولا يجوز رهن هذا الحق أو رسمه بما يرضي جهةً معيّنة. وبالنسبة له، “أولويّةُ حقّ المغترب فوق كلّ اعتبار”.
المساواة بين المغترب والمقيم
مطالبُ المغتربين اللبنانيّين يصفها عبّاس الحاج أحمد، بأنّها تتعلّق بالمساواة وبحقّ المغترب بأنّ يصوّت كالمقيم في مكان قيده، ويدعو إلى تعديل القانون الصادر عام 2017 في مجلس النّوّاب.
خشية من الصوت الاغترابي!
هناك حراك نيابي في هذا الصّدد، بحيث أن حوالي 68 نائبًا لبنانيًا يتبنون تعديل القانون الحالي لضمان مساواة تمثيل المغتربين من خلال الاقتراع الشامل، باستثناء كتلتي حركة أمل وحزب الله، وكتلة التّيّار الوطني الحر برئاسة النّائب جبران باسيل. لكلٍّ من هؤلاء حساباته، فباسيل يخشى الصّوت الإغترابي الّذي قد يحاسبه على خياراته السّياسيّة، ولا سيّما تسليمه البلد لحزب الله ومنحه شيكًا على بياض في ملفات عدّة، منذ العام 2005 وصولًا إلى عهد الرّئيس ميشال عون.
أمّا بالنسبة إلى الثّنائي الشّيعي، فتتصدّر الحجج الأمنيّة قائمة التبريرات، بحجّة أنّ الحزب مدرج على لوائح الإرهاب. غير أنّ السّؤال الذي يطرح نفسه هو: ألم يكن الحزب مدرجًا على هذه اللوائح إبّان انتخابات عامَي 2018 و2022؟ فما الذي تغيّر اليوم؟ وهل هناك خشية من تبدّل المزاج الشّيعي بعد معركة الإسناد؟
يضاف إلى ذلك مسألة الحملات الانتخابيّة في الخارج، والّتي يتحجّج بها حزب الله، بحيث لا يوجد تكافؤ فرص، والسّؤال هنا: هل هناك تكافؤ فرص في الدّاخل اللّبناني؟ هل يسمح حزب الله بحريّة التّبشير السّياسي في مناطقه! هناك دومًا تبريرات مضادة وحجج مضادّة وبدل الدّخول في المتاهات السّياسيّة، من الأفضل سحب ملف تصويت المغتربين من التّجاذب السّياسي عبر ضمان حق المغترب في التّصويت ببساطة، وليس عبر اختراع آليات يصعب تطبيقها ولا تراعي الحد الأدنى من المساواة بين اللّبنانيين.
طاقة اغترابيّة هائلة يريدون استبعادها
ويشرح الحاج أحمد أنّ القانون حين طُرح كان يستند إلى قانونٍ فرنسي، بحيث تمّت معاملة المهاجر الفرنسي كالمهاجر اللّبناني. وعن ذلك يصرّح بالقول: “لا يوجد أيّ تشابه بين المهاجر اللّبناني والفرنسي، فالمهاجر اللّبناني، نوعًا ما، مهاجرٌ قسرًا، وهو مرتبط ببيئته الإجتماعية والإقتصادية والسّياسيّة بشكلٍ يومي في الحياة الدّاخلية اللّبنانيّة”. ويَذكر أنّ الطّاقة الاغترابيّة اللبنانيّة هائلة على كلّ المستويات العلميّة والإقتصاديّة والثقافيّة، ويشير إلى أنّ “لبنان، في هذه المرحلة من التّاريخ الحديث، بأشدّ الحاجة إلى المغتربين من أجل بناء الدّولة من جديد”.
إشكاليات تقنية ولوجستيّة
الإشكاليّات الرئيسيّة في يد رئيس مجلس النّواب نبيه برّي، الذي يرفض طرح تعديل القانون للتّصويت. وكذلك هناك مسائل تقنيّة تحول دون ترتيب مسألة انتخاب ستّة نواب، في غياب معايير واضحة لكيفيّة تقسيم هذه المقاعد.
وهناك إشكاليّة لوجستيّة تتعلّق بفتح باب التّسجيل، إذ توجد مهلة زمنيّة لتسجيل الأسماء، ومن المفترض أن تمتد هذه الفترة لأسابيع قليلة فقط، بينما يطالب المغتربون بتمديد المهلة لتصبح ستّة أشهر على الأقل.
المغترب يطمح للتّغيير
يشير عباس الحاج أحمد إلى أنّ هناك شيئًا مضحكًا في المسألة: “هل يمكن لنائبٍ لبناني عن القارّة الأميركيّة ككل أن يقوم بمهامه، في حين أنّ الرئيس الأميركي خلال ولايته لا يمكنه زيارة كل الولايات والاطلاع على شؤون الأميركيّين في بلده؟”. ويعتبر أنّ لا قيمة عملية لهكذا نائب، إذ إنّ المغترب يريد التّصويت لنائب لبناني قادر على خدمة مدينته وقريته في لبنان، وليس أن يكون نائبًا فخريًا لقارة يقتصر دوره على حضور المراسم والاحتفالات، بينما الحاجة هي إلى “التّغيير في الدّاخل اللّبناني”.




