تعميم وزير العدل يمنع ترشّح نواب الحزب للانتخابات؟

كيف يمكن لمن يُدرج اسمه على لوائح العقوبات أن يترشّح للانتخابات النيابية، في ظلّ اشتراط الحصول على تصريح ترشيح من كاتب العدل؟
بهذا الشكل، سيطال القرار جميع الشّخصيات اللبنانيّة المدرجة أسماؤها على هذه القوائم، ما يجعل الترشّح مستحيلًا على من تطاله أي ملاحقة دولية.
هناك شخصيات عديدة تنتمي إلى حزب الله أو تدور في فلكه مدرجة أصلًا على لوائح العقوبات الدوليّة.
لكن ما تداعيات هذا القرار على عمل كتّاب العدل وعلى اللبنانيّين عمومًا؟
أصدر وزير العدل عادل نصّار، في الثاني من تشرين الأوّل 2025، تعميمًا يضمّ تسعة بنود إلزامية. طالب فيه جميع كتّاب العدل في لبنان بالتّدقيق في “مصدر الأموال” المستخدمة في المعاملات أو العقود. مع الإشارة إليها بوضوح، سواء كانت شيكًا مصرفيًا أو مبلغًا نقديًا.
كما ألزمهم بسؤال أطراف المعاملة عن وجود “وسيط أو سمسار” في عمليات البيع أو الإيجار، والتحقّق من هويّته ورقمه الضريبي.
وطلب الوزير من كتّاب العدل، عند تنظيم الوكالات أو المعاملات، التأكّد من أنّ جميع أطراف الوكالة “غير مدرجين على لوائح العقوبات الوطنية أو الدولية”. والامتناع عن إجراء أي معاملة في حال تبيّن خلاف ذلك، مع وجوب إبلاغ وزارة العدل وهيئة التّحقيق الخاصّة بالأمر.
كما منعهم من تنظيم أو تصديق أي مستند إذا تعذّر عليهم التحقّق من “هويّة” صاحب الحق الاقتصادي. وألزمهم بإبلاغ أصحاب المعاملات بأنّ تقديم أي معلومات أو تصاريح خاطئة يعرّضهم لتطبيق أحكام “قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.
تخوّف من إدراج لبنان على اللائحة السوداء
في إتصال مع كاتب عدل فضّل عدم الكشف عن هويّته، أشار إلى أنّ التّعميم يشكّل قرارًا ملزمًا لكتّاب العدل. مؤكدًا أنّ تأثيره يمتدّ إلى تفاصيل حياة المواطنين كافّة.
وأوضح أنّ “مجلس كتّاب العدل” سيجتمع مع الوزير عادل نصّار يوم الإثنين لمناقشة تداعيات القرار. معتبرًا أنّ “هذا القرار مطبوع في الخارج. وأُرسل لتوقيعه بأمرٍ من مجموعة تتابع التزام لبنان بمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بسبب التخوّف من إدراج لبنان على اللائحة السوداء”.
وأضاف أنّ الدولة اللبنانية “مُصنَّفة حاليًا على اللائحة الرمادية”. وأنّ الوصول إلى هذا الوضع لم يكن نتيجة أداء كتّاب العدل. بل بسبب انهيار الاقتصاد وأزمة المصارف وحجز أموال المودعين.
وأشار إلى أنّ هذا الواقع دفع اللبنانيّين إلى التّعامل بالكاش مباشرة. إذ لم يعد أحد يثق بإيداع أمواله في المصارف.
واعتبر أنّه “بدل معالجة المشكلة الأساسيّة التي أوصلتنا إلى هذا الوضع، اختارت الدولة التعامل مع “التّداعيات لا مع الأسباب”.
تعارض مع القانون والدستور
يرى كاتب العدل نفسه أنّ الوزارة تعلم مسبقًا أنّ هذا القرار قد لا يُطبّق فعليًا. مثل قوانين كثيرة بقيت حبرًا على ورق، كقانون منع التدخين في الأماكن العامة، أو قانون منع الصّيد، أو حتى الطّريق البحريّة المؤقتة إلى ضبيّه.
وأضاف أنّ ما تطلبه وزارة العدل “يتعارض مع القانون والدستور ومع مهام كتّاب العدل”. مشيرًا إلى أنّ مجلس كتّاب العدل وضع عدّة نقاط لمناقشتها مع الوزير يوم الإثنين.
ومن بين هذه النّقاط، أنّ كاتب العدل لا يمكنه رفض طلب مواطن بتوكيل محامٍ فقط لأنّ اسمه مدرج على لائحة العقوبات، فالقانون الدّولي لا يمكنه تجاوز القانون اللبناني.
والحالة الوحيدة التي يمكن فيها لكتّاب العدل رفض طلب أحد المواطنين، هي صدور “حكم قضائي لبناني” يحرم هذا المواطن من حقوقه المدنية.
كاتب العدل ليس جهازًا أمنيًا
ويعدّد كاتب العدل المعوقات التي يواجهها، موضحًا أنّ حتى “استقدام عاملة منزلية أو شراء منزل” قد يصبحان محظورَين في ظلّ هذه الإجراءات.
وقال إنّ كاتب العدل ليس جهازًا أمنيًا للكشف عن سجلات المواطنين الجرميّة. وهذه المهمة شبه مستحيلة.
“من أين نحصل على القرارات القضائية بحق الأفراد؟”، يتساءل، مشيرًا إلى أنّ هذا القرار سيجعل الأمور أكثر “تعقيدًا للمواطنين وكتّاب العدل” على حدّ سواء، بسبب طول وتعقيد الإجراءات.
دور الدّولة أم دور كاتب العدل؟
وأوضح أيضًا أنّ الوزارة لم تُحدّد “لائحة رسمية بالأسماء” المدرجة على لوائح العقوبات، متسائلًا:
“هل يشمل ذلك الأشخاص المذكورين في أوروبا وأميركا والخليج، وكذلك في سوريا أو الأردن أو مصر أو إفريقيا؟ وهل المطلوب منعهم جميعًا من إجراء أي معاملات”؟
فغياب قائمة واضحة يخلق حالة من الغموض ويزيد صعوبة تطبيق القرار.




