ما بين “لن نقتلك” و”إذن الزيتون”: إسرائيل تحتلّ الجنوب بالمحلّقات

كلّ المؤشرات تشير إلى أنّ إسرائيل لا تحتلّ فقط النقاط الخمس في جنوب لبنان، بل تحتلّ جزءًا كبيرًا من الجنوب بالنار والمسيّرات، وسط صمتٍ رسميٍّ مريب، ومعاناةٍ يوميةٍ لأهالي القرى الحدودية.
حسين وهبي
احتلالٌ في السماء لا على الأرض
يعيش الجنوبيون رعبًا دائمًا بسبب المسيّرات الإسرائيلية التي لا تغادر سماءهم. فهي تراقب وتُصوّر وتُسجّل وتقصف متى وأينما تشاء. باتت هذه الطائرات بمثابة سلطة احتلالٍ معلّقة فوق رؤوس الناس، تُمارس رقابةً دقيقةً على تفاصيل حياتهم اليومية، من حركة السيارات إلى قطاف الزيتون.
محلّقات تحرس الشريط المحتل
المسيّرات ذات المهام المتعدّدة أُضيفت إليها مؤخرًا مهمة جديدة باتت الشغل الشاغل للجنوبيين، إذ تعمل اليوم كحرس حدودٍ يحرس كروم الزيتون في قرى الشريط الحدودي، وتمنع أيّ شخصٍ لا يحمل إذنًا رسميًا من الدخول إلى أرضه.
يؤكّد الأهالي أنّها تُخاطبهم عبر مكبّرات الصوت، وتصدر أوامرها مباشرة، كما حصل مع المهندس طارق المزرعاني الذي تلقّى إنذارًا مباشرًا من إحدى المسيّرات الإسرائيلية أثناء محاولته دخول أرضه.
“هل معك إذن لقطف الزيتون؟“
يتحدّث الجنوبيون عن حوادث متكرّرة اقتربت فيها المسيّرات من رؤوس المزارعين، تسألهم إن كان لديهم إذن بقطاف الزيتون. فإذا كان الجواب “نعم” تسمح لهم بالدخول، وإذا كان “لا”، تطلب منهم المغادرة فورًا، في مشهدٍ يختصر كيف تحوّل الاحتلال من جنودٍ على الأرض إلى طائراتٍ تتحكّم من السماء.
“لن نقتلك“
في إحدى هذه الحوادث، سألت مسيّرة إسرائيلية صاحب “بيك أب” كان يهمّ بالدخول إلى أرضه عمّا إذا كان يحمل إذنًا بالقطاف، وعندما أجاب بالنفي، أطلقت طلقاتٍ تحذيرية وطلبت منه المغادرة فورًا، مردّدةً عبارتها الباردة: “غادر فورًا، لن نقتلك”.
الزنّانة… صوت الاحتلال الجديد
لا يقتصر الإزعاج على الخطر الأمني، بل يمتدّ إلى الصوت المزعج الذي تُصدره هذه المسيّرات، والذي يذكّر اللبنانيين بما سمّاه الفلسطينيون “الزنّانة”. تحلّق هذه الطائرات على ارتفاع منخفض فوق القرى والمدن الجنوبية، مسبّبةً ضجيجًا متواصلاً لا يُطاق، يزيد من توتر الأهالي وقلقهم.
عودة إلى ما قبل التحرير
حال الجنوب اليوم يعيد اللبنانيين إلى أيام ما قبل التحرير عام 2000، لكن بأسلوبٍ مختلف. فبعدما كان الاحتلال الإسرائيلي وجيش لحد يمتلكان مراكز داخل القرى ويسيّران آلياتهما على الطرقات، باتت لإسرائيل اليوم مراكز مراقبة في السماء ودوريات جوية لا تغيب عن الأفق.
ويبقى السؤال الذي يردّده الجنوبيون بمرارة: هل سنبقى تحت هذا الاحتلال الجوي لسنواتٍ طويلة كما كنّا قبل عام 2000؟
إقرأ أيضاً: من يريد الحرب أكثر: الحزب.. أم إسرائيل؟



