حرب غير متكافئة: لماذا فشل سلاح الحزب أمام إسرائيل؟

شهد لبنان حرباً مدمّرة غير مسبوقة، كشفت عجز سلاح الحزب أمام التفوّق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي. آلاف الضحايا والقرى المدمّرة، فيما يصرّ الحزب على التمسك بسلاح لم يعد يحمي لا الجنوب ولا الوطن. فهل آن الأوان لإعادة النظر وحصر السلاح بيد الدولة؟
محمد شامي
هتف جمهور المقاومة: “يا سيّد يللااا”، ومعهم كثيرون، فيما ردّد آخرون الصرخة في صدورهم دون أن يلفظوها. يومها تُرك القرار للسيّد ببدء المعركة، بعدما شعروا أنّ نهاية إسرائيل اقتربت إثر العملية الاستثنائية التي نفّذها يحيى السنوار في السابع من أكتوبر. كانت الصرخة بمثابة دعوة لفتح مخازن السلاح، ولإطلاق الصواريخ التي قيل إنها ستدمّر إسرائيل.
الاغتيالات وضربة “البيجر”: عمق الاختراق الإسرائيلي
بدأت المفاجآت تتوالى بعد قرار مساندة غزة. اغتيال العاروري داخل شقة في الضاحية شكّل صدمة، تبعه قصف مركز اجتماع كبير لقيادة المقاومة في طبقات سفلية تحت أبنية في الضاحية. ثم جاءت الضربة الأخطر: ضربة “البيجر”، التي دلّت على حجم الاختراق الذي ينخر جسم المقاومة، وكشفت قدرة إسرائيل على التجسّس والاغتيال بأساليب غير مسبوقة، فأودت بحياة الآلاف من خيرة شباب الحزب وقياداته.
اغتيال نصرالله وتواصل الحرب
لم تتوقف الحرب. العدو استهدف المبنى الأكثر تحصيناً، واغتال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. وما زالت إسرائيل حتى اليوم، تقتل شباب لبنان يومياً، فيما طائراتها تحوم فوق الأجواء، ترصد وتعرف أدق التفاصيل حتى في أصغر الزوايا.
لبنان المدمَّر: من الجنوب إلى عكار
خلال هذه الحرب، دمّرت إسرائيل لبنان على نحو غير مسبوق. قرى مُسحت بالكامل، حارات سُوّيت بالأرض، أبنية ومنازل ومصانع ومؤسسات انهارت، ليس فقط في الجنوب وبيروت والبقاع، بل على امتداد مساحة الوطن. العدو كان يلاحق السيارة والعنصر من أقصى الجنوب حتى آخر شبر في عكار والبقاع.
معركة غير متكافئة: حين فشل السلاح في إحداث الفرق
رغم كل ذلك، لم يقتنع الحزب بأنّ فارق القوة العسكرية هذه المرة لم يكن لصالحه. فالحرب لم تكن كسابقاتها. الحزب حضّر لمواجهة برّية على أرض الميدان، فيما إسرائيل اختارت السماء والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ظنّ الحزب أن ترسانته وصواريخه ستفاجئ العدو، لكن إسرائيل ذهبت بعيداً في التفوّق المعلوماتي والعملياتي. النتيجة كانت حرباً غير متكافئة، لم ينجح فيها سلاح المقاومة في تغيير المعادلة.
الحاجة إلى مراجعة: هل ما زال هذا السلاح يحمي لبنان؟
أما بعد… ألم يحن الوقت لإعادة النظر في طريقة الصراع قبل أن يُقضى علينا بالكامل؟ ألم يحن الوقت للاعتراف بأن هذا السلاح لم يحمِ أهل الجنوب ولا لبنان، بل جلب الخسائر والدمار؟ أليس من الضروري البحث عن استراتيجية جديدة أو عن سلاح أكثر فعالية في مستقبل المواجهة؟
حصر السلاح بيد الدولة: حماية وإنقاذ
إنّ الإصرار على التمسك بالسلاح الحالي لم يعد يخدم مصلحة المقاومة ولا الوطن. حصر السلاح بيد الدولة هو قبل كل شيء حماية للمقاومين وأهلهم من القتل اليومي. وهو أيضاً نفيٌ لذريعة القصف الإسرائيلي المستمر. حصر السلاح يعني عودة الناس إلى قراهم، وإعادة الإعمار، وبناء الدولة على أساس السيادة والشرعية.